إعادة الاستهداف بعد عصر الكوكيز (Cookies): كيف تتكيف العلامات التجارية مع الواقع الجديد؟

إعادة الاستهداف بعد عصر الكوكيز (Cookies): كيف تتكيف العلامات التجارية مع الواقع الجديد؟

إعادة الاستهداف بعد عصر الكوكيز (Cookies): كيف تتكيف العلامات التجارية مع الواقع الجديد؟

إعادة الاستهداف بدون ملفات تعريف الارتباط لم تعد فكرة مستقبلية، بل واقع يفرض نفسه على العلامات التجارية اليوم، مع توجه المتصفحات الكبرى مثل Chrome وSafari إلى حظر الكوكيز من الطرف الثالث، تغيّر مشهد الإعلانات الرقمية جذريًا. ما كان يُعد أداة فعالة لتتبع سلوك المستخدمين وتخصيص الإعلانات أصبح الآن تحديًا يستدعي حلولًا جديدة. في هذا المقال، نوضح كيف يمكن للعلامات التجارية أن تعيد بناء استراتيجياتها التسويقية، وتواكب هذا التحول بدون التضحية بفعالية حملاتها أو دقة استهدافها.

ما المقصود بإعادة الاستهداف بدون ملفات تعريف الارتباط؟ ولماذا يُعد هذا التحول ضروريًا الآن؟

إعادة الاستهداف بدون ملفات تعريف الارتباط تشير إلى استخدام وسائل بديلة لتحديد وتتبع المستخدمين بهدف عرض إعلانات مخصصة، دون الاعتماد على الكوكيز من الطرف الثالث. تقليديًا، كانت الكوكيز تُستخدم لتخزين معلومات حول سلوك المستخدم عبر مواقع مختلفة، مما يتيح للمعلنين متابعة الزائر بعد مغادرته الموقع الأصلي، وإعادة عرض إعلانات مخصصة له في أماكن أخرى. لكن مع تصاعد الوعي بقضايا الخصوصية، وتغير سياسات الحماية مثل اللائحة العامة لحماية البيانات (GDPR) في أوروبا، وقانون خصوصية المستهلك في كاليفورنيا (CCPA)، بدأت المتصفحات الكبرى مثل Safari وFirefox، ولاحقًا Google Chrome، في حظر الكوكيز من الطرف الثالث.

هذا التحول ليس اختياريًا. فبحلول عام 2025، ستختفي معظم إمكانيات التتبع التقليدية التي تعتمد على الكوكيز، مما يُجبر المسوّقين على إعادة التفكير جذريًا في كيفية استهداف العملاء وتخصيص المحتوى. من هنا، أصبح من الضروري تبني أساليب بديلة تعتمد على البيانات الأولية (First-Party Data) التي يجمعها الموقع نفسه، أو تقنيات مثل الاستهداف السياقي، الذي يركّز على محتوى الصفحة بدلاً من هوية المستخدم.

التحول نحو إعادة الاستهداف بدون ملفات تعريف الارتباط يمثل فرصة لتأسيس علاقة أكثر شفافية واستدامة بين العلامات التجارية والعملاء. بدلاً من الملاحقة الرقمية، ستعتمد العلامات على القيم، المحتوى الموجه، والتفاعل المبني على الثقة. وهو ما ينسجم مع توجهات السوق، ويدفع الشركات إلى بناء تجارب تسويقية تحترم الخصوصية، وتبني الولاء بطريقة أكثر فعالية وذكاء.

أدوات وتقنيات تساعد في تنفيذ إعادة الاستهداف بدون كوكيز

مع غياب الكوكيز من الطرف الثالث، ظهرت أدوات وتقنيات جديدة تساعد العلامات التجارية على تنفيذ حملات إعادة استهداف فعّالة دون التضحية بالدقة أو النتائج. إحدى الركائز الأساسية في هذا المجال هي الاعتماد على البيانات الأولية (First-Party Data)، والتي تُجمع مباشرة من المستخدم عبر الموقع أو التطبيق. أدوات مثل:

  • Google Analytics 4 (GA4) تتيح تعقب سلوك المستخدمين داخل الموقع بطريقة تحترم الخصوصية، وتستخدم بيانات مجمعة لتحليل الأنماط دون تحديد هوية المستخدم.
  • أداة أخرى مهمة هي CustomerLabs CDP، والتي تسمح بجمع وتفعيل البيانات من مصادر متعددة داخل نظام واحد، دون الحاجة إلى ملفات تعريف الارتباط من الطرف الثالث. هذه الأداة تركّز على البيانات الأولية وسلوكيات الزوار، وتتيح تخصيص الرسائل والعروض بناءً على تفاعل المستخدم داخل الموقع نفسه.
  • أيضًا، يمكن الاستفادة من Google Tag Manager (GTM) لتجميع الأحداث والتحويلات وتتبعها بطرق مرنة دون الاعتماد على ملفات تعريف خارجية. وعند دمج هذه البيانات مع منصات الإعلانات مثل Google Ads أو Meta Ads، يمكن بناء جماهير مستهدفة بناءً على تفاعلات حقيقية داخل الموقع.
  • جانب آخر مهم هو الاستهداف السياقي (Contextual Targeting)، والذي يمكن تنفيذه باستخدام أدوات مثل GumGum أو Peer39، والتي تحلل محتوى الصفحة التي يظهر فيها الإعلان، وتعرضه في سياق متوافق مع اهتمامات المستخدم اللحظية بدلاً من الاعتماد على بياناته السابقة.

هذه الأدوات مجتمعة تُظهر أن غياب الكوكيز لا يعني نهاية الإعلان الفعّال، بل بداية مرحلة جديدة تُدار فيها الحملات بشكل أذكى، بالاعتماد على سلوك حقيقي، وليس على تتبع عشوائي.

تعرف على: واجهة برمجة التطبيقات

التحديات التي تواجه إعادة الاستهداف بدون كوكيز وكيفية التغلب عليها

إعادة الاستهداف بدون استخدام الكوكيز تطرح مجموعة من التحديات المعقدة التي تتطلب حلولًا استراتيجية وتقنية. أحد التحديات هو صعوبة تتبع المستخدمين عبر الأجهزة المختلفة. فعندما يستخدم الشخص هاتفه لتصفح منتج، ثم يكمل عملية الشراء من جهاز كمبيوتر، يصبح من الصعب على المسوّقين ربط السلوك الكامل بمستخدم واحد دون الكوكيز. للتغلب على ذلك، يمكن استخدام معرفات موحدة (مثل البريد الإلكتروني أو رقم الهاتف) يتم جمعها بإذن المستخدم عند التسجيل أو الشراء، مما يسمح بتحديد هوية المستخدم بشكل قانوني وآمن.

تحدٍ آخر يتمثل في قلة البيانات المتاحة، خاصة بالنسبة للمواقع التي لا تحصل على عدد كبير من الزيارات أو لا تملك قاعدة بيانات قوية. في هذه الحالة، يجب على الشركات الاستثمار في تحسين تجربة المستخدم لجمع بيانات أولية ذات قيمة، مثل الاشتراك في النشرات البريدية أو إنشاء حسابات. استخدام المحتوى الجاذب والتفاعلي يشجع الزوار على تقديم معلوماتهم طوعًا.

أيضًا، يُعد الامتثال للقوانين والتشريعات تحديًا بحد ذاته. التعامل مع بيانات المستخدمين يتطلب مستوى عالٍ من الشفافية والوضوح، وتوفير أدوات تحكّم حقيقية للمستخدمين (مثل إمكانية إلغاء الاشتراك أو تعديل تفضيلات الخصوصية). استخدام حلول إدارة الموافقة (Consent Management Platforms) مثل OneTrust أو Cookiebot يُعد خطوة أساسية لضمان الامتثال الكامل.

وأخيرًا، يمثل نقص الكفاءات التقنية عائقًا أمام كثير من الشركات الصغيرة والمتوسطة. لذا من الضروري الاستثمار في التدريب، أو الاستعانة بشركات خارجية متخصصة تساعد في تنفيذ الحلول البديلة بفعالية. الخلاصة أن التحديات موجودة، لكنها ليست مستحيلة، وكلما بدأت العلامات التجارية في التحرك مبكرًا، كانت فرص النجاح أكبر وأسرع.

استراتيجيات فعّالة لإعادة الاستهداف في بيئة خالية من الكوكيز

في ظل اختفاء ملفات تعريف الارتباط (Cookies) من الطرف الثالث، أصبحت العلامات التجارية بحاجة ماسّة إلى إعادة تصميم استراتيجيات الاستهداف الخاصة بها. لم يعد بالإمكان الاعتماد على التتبع الخفي لسلوك المستخدم عبر المواقع، مما يجعل التركيز على البيانات الأولية (First-Party Data) هو الخيار الأهم والأكثر أمانًا. هذه البيانات يتم جمعها مباشرة من العملاء عبر تفاعلهم مع الموقع أو التطبيق، مثل عمليات الشراء، التصفح، أو الاشتراك في النشرات البريدية. باستخدام هذه البيانات، يمكن للعلامات التجارية بناء ملفات تعريف دقيقة للعملاء، مما يسمح بإعادة استهدافهم بطريقة شخصية وأكثر فعالية.

1- الاستهداف السياقي (Contextual Targeting)

إحدى الاستراتيجيات التي أثبتت جدواها هي الاستهداف السياقي (Contextual Targeting)، والذي يعتمد على المحتوى الفعلي الذي يشاهده المستخدم في الوقت الحالي بدلاً من تاريخه السابق. على سبيل المثال، إذا كان المستخدم يقرأ مقالة عن السفر، فيمكن عرض إعلان عن حقيبة سفر أو عرض رحلة. هذا النوع من الإعلانات يكون ذا صلة عالية باللحظة الحالية، مما يزيد من احتمالية التفاعل، دون الحاجة لتخزين أي بيانات عن المستخدم.

2- الاعتماد على القوائم المخصصة من العملاء الحاليين

استراتيجية أخرى فعالة هي الاعتماد على القوائم المخصصة من العملاء الحاليين، مثل العناوين البريدية أو أرقام الهواتف. يمكن رفع هذه القوائم إلى منصات الإعلان مثل Meta وGoogle، والتي بدورها تطابق هذه البيانات مع مستخدميها وتعرض الإعلانات للأشخاص المطابقين، دون الكشف عن هويتهم. هذه الطريقة فعّالة جدًا، خاصة عند استخدامها في حملات لإعادة التفاعل مع عملاء لم يكملوا عمليات الشراء أو تخلوا عن سلة التسوق.

3- أنظمة تسجيل الدخول (Login Systems)

كما يمكن للعلامات التجارية الاستفادة من أنظمة تسجيل الدخول (Login Systems) لجمع معرفات المستخدم بشكل مباشر وآمن. عندما يسجّل العميل دخوله باستخدام بريد إلكتروني أو حساب Google/Facebook، يمكن ربط نشاطه عبر الجلسات والأجهزة المختلفة، مما يعيد دقة التتبع التي كانت توفرها الكوكيز، ولكن بشكل أكثر شفافية وموافقة صريحة.

4- التسويق عبر البريد الإلكتروني

ولا يمكن تجاهل دور التسويق عبر البريد الإلكتروني كأداة قوية لإعادة الاستهداف. من خلال تحليل تفاعلات المستخدمين مع الرسائل، يمكن تصميم حملات مخصصة تذكّرهم بالمنتجات التي شاهدوها أو العروض التي قد تهمهم. عند دمج هذه الاستراتيجية مع أدوات الأتمتة مثل Mailchimp أو Klaviyo، يمكن إرسال رسائل ذكية في الوقت المناسب بناءً على سلوك المستخدم.

5- استخدام الذكاء الاصطناعي (AI) والتعلّم الآلي

أخيرًا، من الاستراتيجيات الصاعدة استخدام الذكاء الاصطناعي (AI) والتعلّم الآلي لتحليل البيانات السلوكية ضمن الموقع نفسه. فبدلاً من تتبع المستخدم عبر مواقع متعددة، يمكن تحليل كيفية تفاعله مع صفحات المنتجات، العروض، وأزرار الشراء، ومن ثم تقديم توصيات مخصصة أو عروض ديناميكية داخل الموقع نفسه في الجلسة التالية.

باختصار، رغم أن نهاية الكوكيز تفرض تحديات واضحة، فإن البدائل موجودة ومتطورة. الشركات التي تتبنّى هذه الاستراتيجيات وتستثمر في بناء علاقة مباشرة مع عملائها ستكون في موقع أقوى، ليس فقط للنجاة، بل للابتكار والتفوّق في بيئة تسويقية أكثر احترامًا للخصوصية.

أسئلة شائعة

1. هل يمكن لإعادة الاستهداف بدون كوكيز أن تعمل في الحملات الإعلانية عبر التطبيقات؟

نعم، التطبيقات تعتمد غالبًا على معرفات الأجهزة (IDFA وGAID) بدلاً من الكوكيز، ويمكن تنفيذ إعادة الاستهداف بناءً على سلوك المستخدم داخل التطبيق.

2. ما الفرق بين البيانات الأولية والبيانات من الطرف الثاني (Second-Party Data)؟

البيانات الأولية تُجمع مباشرة من المستخدم، أما البيانات من الطرف الثاني فهي بيانات يشاركها شريك موثوق، مثل منصة تسويقية أو جهة إعلامية.

3. هل تؤثر إعادة الاستهداف بدون كوكيز على تكلفة الإعلانات؟

نعم، غالبًا ما تكون التكلفة أعلى في البداية بسبب قلة البيانات المتاحة، لكن على المدى الطويل تؤدي إلى حملات أكثر دقة وتحقيق عائد استثمار أفضل.

4. كيف تؤثر قوانين الخصوصية مثل GDPR على إعادة الاستهداف؟

تتطلب هذه القوانين الحصول على موافقة صريحة من المستخدم لجمع البيانات، ويجب أن تكون الاستراتيجية مبنية على الشفافية والامتثال الكامل.

5. ما دور النماذج التنبؤية في تعويض غياب الكوكيز؟

النماذج التنبؤية تساعد في تحليل سلوك المستخدم داخل الموقع وتوقّع نواياه المستقبلية، مما يتيح استهدافًا دقيقًا دون الحاجة لتتبع خارجي.

الخلاصة

✅ أكثر من 80% من المسوّقين بدأوا بتطبيق حلول إعادة استهداف بدون كوكيز استعدادًا لاختفاء التتبع التقليدي بحلول عام 2025.
✅ الاعتماد على البيانات الأولية يحقق تحسينًا في معدلات التفاعل بنسبة تصل إلى 29% مقارنة بالكوكيز من الطرف الثالث.
✅ الاستهداف السياقي زاد من معدلات النقر على الإعلانات (CTR) بنسبة 2.5x في بعض الصناعات وفقًا لتقارير حديثة.
✅ الشركات التي تستخدم البريد الإلكتروني في إعادة الاستهداف سجلت معدل تحويل أعلى بنسبة 20–40% مقارنة بالقنوات التقليدية.
✅ أدوات الذكاء الاصطناعي والتحليلات السلوكية ساعدت في تقليل تكلفة الاستحواذ على العميل (CAC) بنسبة تصل إلى 32% في بعض الحملات.


ارسل رسالتك

✓ صالح

مقالات ذات صلة

أنظمة-أتمتة-البريد-الإلكتروني
أنظمة أتمتة البريد الإلكتروني التي يجب أن تملكها كل علامة تجارية إلكترونية

في سوق التجارة الإلكترونية سريع التغير، لم يعد الاكتفاء بالتسويق التقليدي خيارًا مجديًا. جذب العملاء والاحتفاظ بهم يتطلب تواص...

أفضل-منصة-إعلانات-لتحسين-معدل-التحويل
إعلانات Google Shopping أم Meta أم TikTok: أيها يحقق معدل تحويل أفضل في 2025؟

في 2025، المنافسة بين المنصات الإعلانية وصلت إلى ذروتها، المسوّقون يقفون أمام خيارات صعبة: هل يستثمرون في Google Shopping لتح...

إطلاق-منتج-مبني-على-البيانات
خطة إطلاق منتج مدعومة بالبيانات لمتاجر التجارة الإلكترونية

إطلاق منتج مبني على البيانات لم يعد خيارًا، بل ضرورة لأي متجر تجارة إلكترونية يسعى للنجاح في سوق تنافسي. الاعتماد على الحدس و...

دور-التسويق-عبر-المؤثرين-في-نجاح-التجارة-الإلكترونية
دور التسويق عبر المؤثرين في نجاح التجارة الإلكترونية المتخصصة

في عالم التجارة الإلكترونية المتخصص، حيث يتمحور النجاح حول استهداف جمهور دقيق وبناء ثقة قوية معه، لم يعد التسويق التقليدي كاف...

كتابة-وصف-المنتجات-بالذكاء-الاصطناعي
كتابة وصف المنتجات بالذكاء الاصطناعي: هل يمكنها التفوق على الإنسان؟

في زمن التسوّق الرقمي، لم تعد صور المنتجات وحدها كافية للإقناع. الوصف هو ما يبيع، يشرح، ويُطمئن العميل قبل أن يضغط على "اشترِ...

تواصل معنا ابدأ الآن ) whatsapp